پێنووس

نيجيرفان بارزانى و العودة الى روح الدستور

المؤلف: “بينوس” (2024-01-15 پێنووس)

ترجمها من الكردية إلى العربية: موفق عادل عمر

شارك السيد نيجيرفان بارزاني رئيس اقليم كوردستان، في بغداد في مراسيم احياء ذكرى الـ21 لاستشهاد “اية الله محمد باقر الحكيم”، و جرى تلك المراسيم بمشاركة كل من رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، رئيس مجلس القضاء الاعلى العراقي، و عدد من الساسة و القياديين البارزين مع عدد من الضيوف الكرام. استغل نيجيرفان بارزاني هذه الفرصة بصفته رئيس الاقليم، مصرحا بان “افضل وفاء لارواح الشهداء هو ضمان مستقبل زاهر للجيل الحالي و الاجيال القادمة” و في ذلك اشارة الى تجربة النضال و السعي المشترك سابقا بين الكورد و العرب و الجهات الاخرى ضد الظلم و الاستبداد.

من جهة اخرى، فقد ارسل نيجيرفان بارزاني رسالة اخرى عبر مطالبته “بعدم نقل الخلافات والمشاكل السياسية بين الاحزاب و الاطراف السياسية الى داخل المجتمع و الشعب والمكونات الاخرى للشعب العراقي“، و يمكن قراءة و تحليل هذا الموقف ضمن النهج السياسي لنيجبرفان بارزاني، و الذي يعمل لاجل تنفيذه بحيث يؤمن من انه اذا لم يطبق هذا المنهج السياسي فان عاقبته سيكون وخيمة و يؤدي الى الخراب و ظهور الخلافات والحروب بصورة مستمرة، وانه في حال استمرار تلك الحالة سيتحول التنافس السياسي الى صراع عرقي ومذهبي وطائفي، لان هذه المشكلة اصبحت سببا للدمار و تخلف الدول و المجتمعات و هيأت الارضية المناسبة للتطرف و لظهور الجماعات المتطرفة، بحيث اصبحت تُشكل في نفس الوقت تهديدا واضحا و مباشرا على العالم باسره. عدا هذا الامر، فان تلك الرسالة كانت موجهة الى السلطات العراقية الحالية مشيرا الى انه من الضروري عدم التصرف على اساس مبدأ المعاملة باغلبية “شيعية” ضد المكونات الاخرى، لانه في الاونة الاخيرة ظهرت علامات و اشارات التصرف وفق مبدأ الاغلبية.

و صرح ايضا ان “روح الدستور عبارة عن ارساء الديمقراطية، العدالة و توزيع السلطات و النظام الفدرالي” و، قال “اطالب الجميع الالتزام معا بالدستور“.  من خلال هذه الجمل و التصريحات حاول رئيس الاقليم ان يُذكر القادة و السياسيين العراقيين، ان الحل الوحيد للمشاكل هو العودة الى الدستور و الالتزام بهذا الدستور يستطيع حل المشاكل العالقة منتقدا بهذا التصريح السياسة المتبعة الحالية من قبل الساسة في بغداد، و الذي يتم الان الابتعاد بصورة تدريجية عن روح الدستور العراقي الجديد، الذي هو عبارة عن الفدرالية و توزيع السلطات، الديمقراطية و العدالة بحيث يتم انتهاك هذه المبادئ في بعض الاحيان برغم من ان العراق الجديد اُسس عليه. و الجدير بالذكر ان جوهر الكلمة التي القاه هو هذه العبارة و الذي قال فيه: “يجب عدم ربط و خلط القضايا السياسية بموضوع حياة و قوت الاهالي في اقليم كوردستان“. هذه الجملة حملّ الساسة العراقيين المسؤولية، لانه صرح بصورة مباشرة ان هذه الازمة قد سُيّس و في مستهل كلمته اشار الى ان بغداد هو مسؤول عن حل هذه الازمة. لهذا السبب نرى انه حول مسالة رواتب الاقليم خاطب القادة العراقيين قائلا: “بسبب عدم تخصيص الميزانية و الرواتب تمر موظفى و مواطنى اقليم كوردستان بظروف سيئة و ان هذا الامر قد اثر سلبا على جميع القطاعات الاخرى في اقليم كوردستان. ومن الضروري جدا حل هذه الازمة الكبيرة باسرع وقت ممكن، و حل هذ الامر يقع على عاتق الجميع، لان اقليم كوردستان و موظفيه جزء من العراق“.

من جهة اخرى، دفعت القضايا الأمنية والتهديدات العسكرية في إقليم كوردستان رئيس حكومة إقليم كوردستان إلى القول: “الهجمات بالطائرات المسيرة و استهداف البيشمركة سيؤثر سلبا على استقرار العراق“. و هذا الامر مرة اخرى يضع الاطراف السياسية العراقية و الساسة العراقيين امام مسؤولية كبيرة، بحیث اذا كان اقليم كوردستان جزء من العراق و قوات البيشمركة قوة دستورية معترفة بها ضمن الدستور، لذا فان الهجمات  التى تُشن عليه يعتبر هجمات على سيادة و قوات العراق. لهذا السبب فان اية جهة لو اقدمت على شن اي هجوم على اقليم كوردستان، فان مسؤولية تلك الهجمات سوف تكون اكثر و اخطر. لذا نرى ان موضوعين اساسيان  “الاقتصاد، بالاضافة الى السياسة-الامن” قد شكلتا المحتوى الاساسي و الرئيسي لكلمة رئيس الاقليم في هذه المناسبة، ويعتبر هاتان المشكلتان، مشكلتان اساسيتان في العراق و اقليم كوردستان.

محور اخر من المحاور خطاب نيجيرفان بارزاني هو نقل رسالة إلى النخبة الشيعية الحاكمة الحالية مفادها أنه بعد عام 2003، لعب الكورد دورًا رئيسيًا في إعادة بناء العراق الحالي. لكن النخبة السياسية الحالية غير متعاونة مع بعضها البعض كما كانت في السابق. رئيس الاقليم بكل وضوح و بصراحة تامة ربط الاستقرار السياسي، الامني و الاقتصادي في اقليم كوردستان بالعراق.

ضمن هذا السياق، عقد رئيس اقليم كوردستان، عدد من اللقاءات و الاجتماعات مع الجهات الحكومية و الاطراف الحزبية الشيعية و السنية، والتي تعتبر اللقاءات الاوسع نطاقا و تظهر الارادة الجادة لرئيس حكومة اقليم كوردستان كممثل للشعب الكوردي و الاطراف السياسية في اقليم كوردستان لحل المشاكل العالقة بين الاقليم وبغداد. بالاضافة الى ان لقاء رئيس اقليم كوردستان مع السفير الامريكي في بغداد و مع الجماعات المقربة من ايران، اشارة و دلالة واضحة على ان اقليم كوردستان ليس طرفا في الصراعات الداخلية و الاقليمية و تحاول بناء علاقات قوية و متينة مع كلا الطرفين. عدا هذا، تظهر هذه اللقاءات و الحوارات ان رئيس اقليم كوردستان لا يريد ان تدخل الاقليم الاستقطابات، وتريد عبر القنوات الدبلوماسية تاسيس علاقات اعتيادية و قانونية من النواحي السياسية و الامنية مع الجهات الفاعلة المؤثرة في العراق.

بالاضافة الی ذلك تطرق رئيس اقليم كوردستان الى ازمة و “مشكلة اخراج و سحب قوات التحالف” من العراق، قائلا ان  قوات التحالف جاءت بناء على طلب العراق لاجل محاربة و مواجهة داعش. لذا من الضرورى اتاحة الفرصة اللازمة للحكومة الاتحادية و السيد رئيس الوزراء السوداني، لكي يتفاوض بهذا الشأن في بيئة سليمة و ساكنة و ذلك من اجل الاتفاق على مستقبل التعاون بين قوات التحالف و العراق. و بناءا عليه، اشار رئيس اقليم كوردستان بالتفصيل الى ضرورة استمرار التعاون بين القوات العراقية و قوات التحالف، و كانت هذه رسالة واضحة الى القوات المتطرفة و في نفس الوقت كانت رسالة مفتوحة الى الامريكيين.

و فيما يتعلق بامن اقليم كوردستان، فقد اشار مجددا الى المليشيات التى تشن الهجمات على البيشمركة و البعثات الدبلوماسية، و عرض هذا الامر على رئيس الوزراء قائلا: “انتهاك صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة العراقية عبر شن الهجمات على البعثات الدبلوماسية و قوات التحالف و البيشمركة، يؤثر سلبا على عمل و وظائف الحكومة و يؤسس لتعقيدات كثيرة و عديدة الاتجاهات في العراق”. الجدير بالذكر، ذكر نيجيرفان بارزاني قوات البيشمركة بصورة متساوية و متوازية مع البعثات الدبلوماسية و قوات التحالف و في نفس الوقت وصف هذه التهديدات من انها تهديدات مباشرة على العراق محذرا بظهور داعش. كانت هذه رسالة و اضحة و صريحة الى امريكا و الغرب من ان سبب شن الهجمات على البيشمركة، هو بسبب وقوف اقليم كوردستان بجانبهم (اي بجانب امريكا و الغرب). و لهذا السبب قال: “الحقت هذه الهجمات اضرارا كبيرة بامن و حياة أهالي اقليم كوردستان، وتسببت في انتشار الرعب و القلق في الاسواق العراقية، و اتاحت الفرصة لارهابي داعش لزيادة هجماتهم”.

الخطوات الدبلوماسية لرئيس حكومة إقليم كردستان في بغداد يمكن أن تعطينا المزيد من الوضوح حول كيفية التعامل مع النخبة الحاكمة في بغداد، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

اولا: كما هو معلوم لدى الجميع بان العراق ليست دولة مؤسساتية و دستورية كما ينبغي، لاجل حل الخلافات العالقة بين الاقليم و بغداد عبر المؤسسات السياسية و القانونية، بحيث ان الشخصيات السياسية هم الفواعل الرئيسية لعملية صنع القرار و قواهم اهم و اكبر من المؤسسات. عمل نيجيرفان بارزاني ضمن هذا الاتجاه و جعل جميع الشخصيات السياسية الرئيسية في العملية السياسية في العراق صوب هدفه، و طلب منهم ان يساعدوا في انهاء المشاكل العالقة بين الاقليم و بغداد، خصوصا المشاكل المتعلقة بتعديل قانون الموازنة، و الذي يعتبر العمود الفقري للامن الاقتصادي لاقليم كوردستان. لذا يمكننا القول ان الاقتصاد هو العمود الفقري للسياسية.

ثانيا: لزيارة نيجيرفان بارزاني دلالات كثيرة منها انه من الممكن ايجاد الحلول اللازمة لبعض المشاكل الموجودة بين الاقليم و بغداد، عبر الطرق الدبلوماسية و العلاقات الشخصية مع النخبة السياسية الحاكمة في بغداد. خصوصا نحن الكورد، يجب علينا معرفة النخبة السياسية الحاكمة في بغداد، بالاضافة الى ان للمراسيم الخاصة دور هام لفتح ابواب الحوار و حل بعض المشاكل.

ثالثا: يُشير دبلوماسية رئيس الاقليم الى ان هنالك دوما فرص للحوار و المفاوضات مع بغداد، بشرط فهم عقلية النخبة السياسية الحاكمة في بغداد. ايجاد الية للعمل و التعامل مع بغداد، خصوصا مع التعديدية القطبية الموجودة في بغداد، ذو اهمية قصوى لاقليم كوردستان.

اللافت للامر ان رئيس اقليم كوردستان، التقى بجميع الاطراف السياسية العراقية، و تعتبر هذه الخطوة بمثابة تحضيرات اولية لايجاد الحلول الجذرية للمشاكل العالقة و تعديل قانون الموازنة في مجلس النواب العراقي بهدف حل مشكلة رواتب موظفى اقليم كوردستان، و ضمن هذا الاطار طالب نيجيرفان بارزانى القادة العراقيين و الاطراف و الكتل السياسية في مجلس النواب العراقي، دعم و مساندة محاولات ايجاد حل لمشكلة تعديل قانون الموازنة و رواتب موظفي اقليم كوردستان. حتى اجتماعه مع رئيس مجلس القضاء الاعلى العراقي، الذي يتمتع بسلطة قانونية و حتى سياسية في المعادلات السياسية العراقية، من الممكن ان يساعد في انفراج هذه الازمة. نظرا لاهمية الوضع، تمكن رئيس اقليم كوردستان من عقد نحو 20 اجتماعا مع الاطراف السياسية و القادة العراقيين خلال يومين. *

وفي النهاية هنالك نقطة مهمة يجب الاشارة اليها و التي تعبر عن شخصية نيجيرفان بارزاني، ففي المؤتمر الصحفي لم يُنسب الانجازات و المكاسب حول هذا الموضوع اليه بل أكد مرتين ان هذه النتجية تعود لجهود حكومة اقليم كوردستان و جهود الوفود الحكومية التي عملت في السابق بجدية بشان هذه القضية.

مما لاشك فيه تعتبر الفرص دائما جزءا من السياسية والجهود تبذل بحسب طبيعة الفرصة، بالاضافة الى ان معرفة التوقيتات  و المناسبات، و “الاهتمام بالاولويات”، يؤدي الى تسخير الجهود، ارسال الرسائل و اجراء محادثات جدية!

ملاحظة:

لقاءات رئيس اقليم كوردستان في بغداد كانت بالشكل التالي:

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني (2 مرة)، محمد الحلبوسي الرئيس السابق لمجلس النواب العراقي و رئيس حزب التقدم، فايق زيدان رئيس مجلس القضاء الاعلى في العراق، شيخ قيس الخزعلي رئيس عصائب اهل الحق، نورى المالكي رئيس تحالف دولة القانون و السيدة الينا رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة الامريكية في العراق، فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، د. عبداللطيف رشيد رئيس جمهورية العراق الفدرالي، حيدر العبادي رئيس تحالف النصر، محسن المندلاوي النائب الاول لرئيس مجلس النواب العراقي، هادي العامري رئيس منظمة البدر، السيد عمار الحكيم رئيس التيار الوطني الحكمة، د.عادل عبدالمهدي رئيس الوزراء العراقي الاسبق، عبدالسادة الفريجي الامين العام لتحالف النهج العراقي، همام الحمودي رئيس المجلس الاسلامي الاعلى في العراق، مثنى السامرائي رئيس تحالف العزم، الشيخ جمال الزاري الامين العام لمشروع الوطني العراقي.

https://penus.krd/?p=3801

image_pdfimage_print